قررت بلقيس إرسال هدية إلى الملك سليمان، واختارت أربعين رجلاً من أجمل الشباب وأذكاهم وأكثرهم قوة وحكمة، لنقلها، وتكونت الهدية من مائة وصيف ومائة وصيفة، ولدوا في ذات الليلة وفي الشهر ذاته، وقدمت للملك سليمان الذهب والفضة والأحجار الكريمة مثل الياقوت والزبرجد والزمرد، وختمت بلقيس الهدية بختم يحمل اسم الملك، وأرسلت الكثير من الخيول عتاقًا من الذكور والإناث، وأمرت رسلها ألا يكشفوا عن فروق بينهم إلا إذا طُلِبَ منهم ذلك.
سبب إرسال بلقيس للهدية
جاء في كتب التفسير أن بلقيس قد قالت: “إن هذا الرجل، إن كانت همته الدنيا فسنرضيه، وإن كان يسعى للدين فلن نقبل غيره.” ووثق شيخ المفسرين ابن جرير الطبري، عن أبي صالح قولها أنها بعثت لسليمان هديةً عظيمة وقالت: “إن كان يريد الدنيا، فقد علمته، وإن كان يريد الآخرة، فقد علمته.”
وعندما وصلت هدية بلقيس إلى سليمان، قام سليمان بكتابة رسالة إلى بلقيس، وذكر الله فيها قوله: “أتمدونن بمالٍ”، حيث نكر “المال” لتأكيد مكانته العظيمة في قلوب الناس، ولتحذيرها من أن أي شيء يتعارض مع دين الله سيتم تحقيره، وقد قال: “فما آتاني الله خيرٌ مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون.” وأكد سليمان أنه لن يقدم أي شيء فوق دين الله وتوحيده.
ونتيجة لذلك، عرفت بلقيس صدقه وثبات موقفه، وتركت عبادة الشمس وأسلمت لله رب العالمين، وأخبر الله عنها بأنها قالت: “رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين.”
من هي بلقيس؟
بلقيس هي اسم ملكة مملكة سبأ القديمة، وهي شخصية تاريخية وأسطورية تشتهر في العديد من الثقافات والديانات. وتعد بلقيس واحدة من الشخصيات المذكورة في القرآن الكريم في سورة النمل، حيث ذكرت قصتها في التقائها بالنبي سليمان عليه السلام.
وتتراوح الروايات والأساطير حول بلقيس، ففي بعض القصص يُذكر أنها كانت ملكة سبأ الشهيرة التي حكمت مملكتها بحكمة وجمال ورشاقة. وفي قصة لقائها بسليمان عليه السلام، قيل أن بلقيس أُرسلت له هدية وتحاول إغواءه بثرواتها العظيمة، لكنها أسلمت وآمنت بالله بعد أن رأت قوة وحكمة سليمان واعترفت بخطئها وتوجهت لعبادة الله.
تجد ذكر بلقيس أيضًا في العديد من الروايات والأدبيات الشعبية والأدب العربي القديم، وتُصوَّر عادة كامرأة جميلة وحكيمة وقوية الشخصية، وهي شخصية مثيرة للإعجاب وتحمل دلالات مختلفة في الثقافات المختلفة التي تروي قصتها.